(لأمر رائع جداً أن يلتقي الفكران الإسلامي والمسيحي في قضية من أهم القضايا العقائدية، وينتهي بهما المطاف إلى نتيجة واحدة، ألا وهي الحق والعقيدة والاستجابة لنداء الرسالة والنضال في سبيلها بإيمان وشموخ).
من مقدمة الطبعة الثانية المعنونة (الامتداد الثرَّ لرسالة الجد) للسيد الدكتور محمد بحر العلوم.
نطالع من مقدمة المؤلف هذا التعريف بسفر الكتاب:
الثورة التي فجرها الحسين بن علي، عليه وعلى أبيه أفضل السلام، في أعماق الصدور المؤمنة والضمائر الحرة، هي حكاية الحرية الموءودة بسكين الظلم في كل زمان ومكان وجد بهما حاكم ظالم غشوم، لا يقيم وزناً لحرية إنسان، ولا يصون عهداً لقضية بشرية، وهي قضية الأحرار تحت أي لواء أنضووا، وخلف أية عقيدة ساروا.
ونطالع في الفصل الثاني (المبادئ والصراع) تحت عنوان (ثورة الحسين... لمن؟) هذا التقييم:
لم تحظ ملحمة إنسانية في التاريخين القديم والحديث، بمثل ما حظيت به ملحمة الاستشهاد في كربلاء من إعجاب ودرس وتعاطف، فقد كانت حركة على مستوى الحدث الوجداني الأكبر لأمة الإسلام، بتشكيلها المنعطف الروحي الخطير الأثر في مسيرة العقيدة الإسلامية، والتي لولاها لكان الإسلام مذهباً باهتاً يركن في ظاهر الرؤوس، لا عقيدة راسخة في أعماق الصدور، وإيماناً يترعرع في وجدان كل مسلم.
ولقد كانت هزة وأية هزة.. زلزلت أركان الأمة من أقصاها إلى أدناها، ففتحت العيون وأيقظت الضمائر على ما لسطوة الإفك والشر من اقتدار، وما للظلم من تلاميذ بررة على استعداد لزرعه في تلافيف الضمائر، ليغتالوا تحت ستر مزيفة.. قيم الدين، وينتهكوا حقوق أهلية، ويخمدوا ومضات سحره...
كانت ثورة بمعناها اللفظي، ولكنها... أكبر من أن تُستوعب في معنى لفظي ذي أبعاد محددة وأعظم من أن تقاس بمقياس بشري.
ومما نطالع في الفصل الثالث (الخروج والمقتل) من عنوان (الخروج إلى مكة) هذه الأسباب:
ألا يا عين فاحتفلي بجهد ومن يبكي على الشهداء بعدي
على قوم تسوقهم المنايا بمقدار إلى إنجاز وعد
هذا الهاتف سمعته العقيلة زينب وركب الخروج على مشارف الكوفة، وأعلمت أخاها الحسين... الذي... لم يزد جوابه على الكلام عن القول: (يا أختاه كل الذي قضي فهو كائن).
وبجواب الحسين يضع ما كتب له في الصحيفة الإلهية موضع التنفيذ للوعد الذي قدر له إنجازه، فكان كل ما قضي بالنسبة إليه هو كائن لا محالة، وتأكيد جده الرسول الأعظم على ضرورة أن يرزق الشهادة.. فيه توكيد وأمر غير مباشر له كي لا يقف أو يتردد، بل يقدم عن وعي وتبصر بالنتائج، وهذا ما كان منه بعد تلقي التوكيد الأمر من جده صلى الله عليه وآله، إذ جمع عائلته وصحبه وأنبأهم برؤياه، فتخوف عليه الجميع ونصحه عمر الأطرف بالمبايعة ليزيد وإلا سيقتل، وقاله محمد بن الحنفية ناصحاً:
تنح ببيعتك عن يزيد بن معاوية والأمصار ما أستطعت، ثم أبعث برسلك إلى الناس، فإن بايعوك.. حمدت الله على ذلك، وإن اجتمعوا على غيرك.. لم ينقض الله بذلك دينك ولا عقلك)[1].
فاستصوب الحسين نصيحة ابن الحنفية وعزم على الخروج إلى مكة...
وقبل أن يترك المدينة كتب وصية تعتبر دستور الخروج، أجمل فيها مبدأه وهدف خروجه وقال فيها ضمن ما قال:
وإني لم أخرج اشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله أريد أن آمر بالمعروف، وأنهي عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق.. فالله أولى بالحق، ومن رد عليّ هذا.. أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين[2].
وكذلك نطالع في الفصل السابع (محاكمة السرائر) من عنوان (كتاب في قفص الاتهام) هذه الإجراءات التي تمت حول الكتاب:
عندما صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب عام 1978 والتي كانت تحمل عنوان (ثورة الحسين في الفكر المسيحي) قبل أن يتم تعديله في الطبعة الثانية لأسباب ذكرناها في مقدمة المؤلف.. لم يكن يدور في خلدي للحظات بأن يتهم الكتاب بنواياه ومراميه، وأن يقدم للمحاكمة على هذا الأساس، ولكن ذلك ما حصل فعلاً.. وتحولت النوايا الحسنة والمرامي الطيبة إلى متهم يقف
([1]) اللهوف ص 15 ط صيدا.
([2]) للشيخ محمد عبده رأي يقول فيه: خروج الإمام الحسين عليه السلام على إمام الجور والبغي يزيد كان من باب خذل حكومة جائرة عطلت الشرع الإسلامي، وللشيخ عبد الله العلايلي في كتابه: (الإمام الحسين) ص 344 رأي مماثل يقول فيه: الحسين عليه السلام لم يخرج على إمام وإنما خرج على ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ فرض نفسه فرضاً أو فرضه أبوه بدون إرعواء، وهذا ما أخذ يبالي وغلطة سياسية من معاوية أعد المجتمع للثورة إعداداً قوياً حينما عهد إلى يزيد.
في حال أردتم معرفة المزيد عن هذا الكتاب, نرجوا أن لا تترددوا في التواصل معنا عبر
صفحة التواصل. ويسعدنا الرد عليكم في أقرب وقت ممكن.