دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع | تطوّر المؤسّسات الشيعيّة في لبنان من البنية العائلية إلى البنية الطائفية



تطوّر المؤسّسات الشيعيّة في لبنان من البنية العائلية إلى البنية الطائفية

المكتبة / تطوّر المؤسّسات الشيعيّة في لبنان من البنية العائلية إلى البنية الطائفية
Project Image 1

لبنان وطن يجمعُ أبناءه على اختلاف مذاهبهم وأديانهم وطوائفهم. وهو غني بتطلعاته نحو التراث من ناحيةٍ، ونحو الحداثة من ناحيةٍ أخرى. ولا يقتصر الأمر على جغرافية موقعه الذي أتاح لأبنائه أن يتواصلوا مع شتّى الحضارات التي حفل بها التاريخُ، وازدانت بها بقاع الأرض، بل وصل الأمر إلى حد وجود رؤيةٍ تسمح للبناني بأن يقرأ العالمَ بلغةٍ مختلفةٍ عمّا هو قائم، وتنشد في الوقت ذاته المستقبل في ملامحه الوجودية التي لا تقف عند حدٍ، ولا ترسو على شاطئ.
وتعدّ الطائفة الشيعية واحدة من الطوائف اللبنانية التي تؤمن بالحريّة والانفتاح والتطور، فلا تتقوقع في دائرة وجودها الخاصِ، وإنما انفتحت على مختلف الطوائف اللبنانية من أجل أن تساهم في تكوين هذا الوطنِ، وبناء أعمدته للمستقبل.
ولم تتطور المؤسسات الشيعية في لبنان بشكل مستقل عن تطور الكيان اللبناني بشكل عام، وتطور المؤسسات التي تخضع للطوائف الأخرى. وهذا ما جعل لبنان بين سياقين: أحدهما سياق الوطنية الجامعة التي لا تقف عند حد في تفاعلها وتطلعها المستقبلي، والآخر يرتبط بعملية تطوير المؤسسات في دائرتها المذهبية التي لا تشكل انطواءً كاملا ًعلى الذات بمقدار ما تشكل عملية ايجاد لخصوصيات، أو لكيان في خضم تعانقه مع سائر الكيانات على مستوى الوطن اللبناني.
ولقد جاءت دراسة الدكتور عباس رضا من أجل أن تضع يدها على طبيعة هذه الطفرة الحضارية في الطائفة الشيعية، حيث تناول بالدراسة تطور المؤسسات الشيعية في لبنان ما بين الدائرة العائلية والدائرة الطائفية، فتمكن من سبر أغوار هذا التطور الوجودي أو الثقافي للمؤسسات الشيعية التي كانت في مرحلة من المراحل مبنية على العائلية، ومنطلقة من الحفاظ على الوجودي، باتجاه تلك المرحلة التي استطاعت هذه المؤسسات أن تبني كياناً حضارياً له حظوظه وهويته وتلاميذه في داخل هذا الوطن الذي يعد شكلاً نهائياً للوطن من منظور مختلف المذاهب اللبنانية، إلا أن هذا الأمر لا يمنع من وجود تمايز ثقافي أو تعددي  معرفي في سياق الانضواء تحت هذه الدائرة الوطنية العامة.
وبغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف مع الباحث في بعض النقاط، فإنّه قدّم رؤية فكرية اجتماعية معمّقة، قاربت المؤسسة الشيعية في بنيتيها: العائلية والطائفية، وما رافق ذلك من ارهاصات وتغيرات وتبدلات هي التي أوصلتنا إلى هذا الوطن النهائي لجميع أبنائه، مع الحفاظ على الهوية الشيعية التي لا ترى لبنان سوى سقفٍ لها.

في حال أردتم معرفة المزيد عن هذا الكتاب, نرجوا أن لا تترددوا في التواصل معنا عبر
صفحة التواصل. ويسعدنا الرد عليكم في أقرب وقت ممكن.