دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع | سعادة المؤمن



سعادة المؤمن

المكتبة / سعادة المؤمن
Project Image 1

بسم الله الرحمن الرحيم

(إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون* الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون* أولئك هُم المؤمنون حقاً لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم) سورة الأنفال: الآية: 2 -4.

نطالع في (المقدمة) هذه التعابير:

رسالة الأنبياء (ع) دعوة إصلاحية شاملة... تدعو الناس إلى التوحيد ونبذ الشرك بالله تعالى... تدعوهم إلى الخير والصلاح ونشر العدل في الأرض... ويتجلى هذا الإصلاح... من خلال وضع نظام تربوي سلوكي شامل، وتم تطبيق هذا... على يد الأنبياء (ع) فقد تحملوا من أجل إنشاء الإنسان المؤمن، الذي يحمل الصفات الإيمانية التي تنسجم مع رسالة السماء المؤيدة بالغيب الإلهي، فالإنسان المؤمن هو الذي يسمو إلى أعلى مراتب السلوك السامي، فلا يصل أحد إلى هذه المرتبة إلا من خلال وضع برامج محاسبة النفس... وهنا يتمكن الإنسان من بلوغ ارفع مدارج الكمال بروح عالية متسماً بنور الإيمان ومنتهجاً بسيرة النبي الأكرم (ص) وآله الكرام الأبرار (ع).

أما الأمر الذي دفعني إلى تدوين هذه السطور، هو الإحساس بالأزمة الأخلاقية والروحية التي يعاني منها مجتمعنا المسلم، ولعل هناك الكثير من النقاط التي لم ينتبه إليها الكثير من الناس، فيقع البعض في الأزمات الخطيرة وتحيط به المشاكل الصعبة التي لا يمكن حلها إلا عن طريق القرآن الكريم، ونور النبي (ص) وعترته الأخيار (ع) فالابتعاد عن القرآن والسيرة المباركة لا يؤدي إلا إلى النتائج الخاسرة، وبذلك يخسر المجتمع إنساناً كان مؤهلاً لأن يكون عنصراً فعالاً يخدم الدين ويخدم الوطن ويخدم نفسه...

ونطالع من متن عنوان (منزلة المؤمن) هذه الإشارات:

المؤمن يحظى بمكانة سامية ورفيعة في برج القداسة الإلهية، فحرمته عند الله تعالى تفوق حرمة الكعبة المشرفة، والله تعالى ليرفع البلاء عن قرية فيها نفس من المؤمنين إكراماً لهم وتعظيماً وهذا حال المؤمن في الحياة الدنيا، أما مقامه في الآخرة فإنه المقرب إليه تعالى وفي أعلى عليين، حيث الشفاعة المقبولة والمقام المحمود...

عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه السلام: (أن فيما أوحى الله عز وجل إلى موسى بن عمران عليه السلام: يا موسى بن عمران ما خلقت خلقاً أحب إليّ من عبدي المؤمن، فإني إنما ابتليه لما هو خير له، وأعافيه لما هو خير له، وأزوي عنه ما هو شر لما هو خير له، وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي، فليصبر على بلائي وليشكر نعمائي وليرضى بقضائي، أكتبه في الصديقين عندي، إذا عمل برضائي وأطاع أمري)[1].

قال رسول الله (ص): (إن الله جل جلاله، إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي، وفيها ثلاثة نفس من المؤمنين، ناداهم جل جلاله يا أهل معصيتي لولا مَنْ فيكم من المؤمنين المتحابين بجلالي العامرين بصلاتهم أرضي ومساجدي والمستغفرين بالأسحار خوفاً مني، لأنزلت بكم عذابي ثم لا أبالي)[2].

عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: (ما عذب الله قرية فيها سبعة من المؤمنين)[3].

عن علي (ع) عن النبي (ص) قال: (يوحى الله عز وجل إلى الحفظة الكرام لا تكتبوا على عبدي المؤمن عند ضجره شيئاً)[4].

ومما نطالع من عنوان (علاقة المؤمن) هذه النصوص:

يتميز المؤمن بعلامات خاصة ترفعه عن الغير، والنبي الأكرم (ص) وآله الكرام (ع) قد بينوا هذه العلامات، حيث وضعوا لنا المناهج السليمة التي من خلالها نستطيع تمييز المؤمن عن المنافق، وقد وردت الكثير من الأحاديث في ذلك منها:

سُئل رسول الله (ص) عن علامة المؤمن والمنافق فقال: (إن المؤمن همته في الصلاة والصيام والعبادة، والمنافق همته في الطعام والشراب كالبهيمة)[5].

قال الضحاك: قال ابن عباس: فقال النبي (ص): (إلا من كان فيه ست خصال فإنه منهم: من صدق حديثه، وأنجز موعوده، وأدى أمانته، وبرَّ والديه، ووصل رحمه، واستغفر من ذنبه، فهو مؤمن)[6].

وكذلك نطالع تحت عنوان (أخلاق المؤمن) هذه التذكيرات:

تعاليم السماء تدعو إلى ترسيخ الأخلاق الإسلامية، حتى يظهر الإسلام بحقيقته، فحسن الخلق عند المؤمن من كمالات الإيمان، وقد دعا القرآن الكريم إلى أهمية الخلق والحث عليهما، لقوله تعالى للنبي الأكرم (ص): (وإنك لعلى خلق عظيم)[7]. ومن الأحاديث التي وردت:

قال الصادق (ع): (السخاء من أخلاق الأنبياء، وهو عماد الإيمان، ولا يكون مؤمناً إلا سخي ولا يكون سخياً إلا ذو يقين وهمة عالية، لأن السخاء شعاع نور اليقين، ومن عرف ما قصد هان عليه ما بذل)[8].

*


 

([1]) بحار الأنوار: ج 71 ص 230 ح 28، مستدرك الوسائل: ج9 ص39 ح10143.

([2]) بحار الأنوار: ج71 ص390 ح1، علل الشرائع: ج1 ص 241 ح1: ص30.

([3]) بحار الأنوار: ح70 ص383 ح7، الاختصاص: ص30.

([4]) آمالي الشيخ الطوسي: ص 571 ح1183، بحار الأنوار: ج5 ص328 ح24، مجموعة ورام: ج2 ص70.

([5]) مجموعة ورام: ج1 ص99، المحجة البيضاء: ج5 ص122.

([6]) آمالي الشيخ الصدوق ص 273 ح9، بحار الأنوار: ج64 ص291.

([7]) سورة القلم: الآية 4.

([8]) بحار الأنوار: ج68 ص355 نح17، مستدرك الوسائل: ج7 ص17 ح7521، مصباح الشريعة: ص 82.

في حال أردتم معرفة المزيد عن هذا الكتاب, نرجوا أن لا تترددوا في التواصل معنا عبر
صفحة التواصل. ويسعدنا الرد عليكم في أقرب وقت ممكن.